Block

Block

حديقة المسلمة

 
قال الرسول صلى الله عليه وسلم؛
« من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) »
رواه البخاري ( 1901 ) ، ومسلم (760)

Block

عدد المتصلات حالياً

 
توجد حاليًا 1166 ضيفة/ضيفات

Block

صندوق البحث

 


story

فتيات .. يحطّمن قيود الإعاقة

نماذج سطّرن بأناملهن أسمى معاني القوة والثبات في الحياة، ما بين كفيفة البصر فاستضاء قلبها بنور الإيمان، وبين قعيدة فقعدت الدنيا أمامها إجلالاً واحتراماً، لم تثنهن ظروفهن عن المضي بكل ثقة ليشققن في هذه الحياة طريقاً مملوءاً بكل عزم.. هذه الشريحة المتشحة بماردٍ عملاقٍ من العزم والإصرار أردنا أن نسبر أغوارها، وأن ندخل بين جنباتها، لنستخلص منهن ومضة أمل نهديها لمثيلاتهن من ذوات الاحتياجات الخاصة، لكي نقول لهن: إن الإنسان كيانٌ حباه الله من النعم ما لا يُعدُّ ولا يُحصى، وإن رسالة الإنسان ليست في نظره فحسب، أو قدمه فحسب، أو يده فحسب، بل إن كل خلية تنبض في جسمه بالحياة لها دورها في المسيرة الطويلة..

(هند مصطفى) ـ مدرسة وزوجةـ بعد الزواج رزقها الله بطفلة جميلة لكنها لا تبصر ..علمت أنه الاختبار من الله، فصبرت هي وزوجها فعوّضها الله بأطفال آخرين معاقين، فاطمأنت وأنجبت مرة أخرى، فرزقها الله بطفلة ثانية، ولكنها لا تبصر مثل الأولى؛ فضاقت الدنيا في عينيها، ولكنها ما لبثت أن تماسكت وأصبحت تفكر كيف تعين حبّتي قلبها على ما قدره الله لهما؟ كيف تسير معهما الطريق الطويل، وتستشرف المستقبل، وتتحمل رحلة الكفاح الشاقة؟

تقول السيدة (هند): "تعلمت من هذا الابتلاء الكثير من الصبر حتى أصبحت راضية عن كل شيء في الحياة، حتى الماديات لا تشغلني كثيرًا، وتعلمت النظام والترتيب حتى يسهل علي الحركة داخل البيت، بدأت أفكر في تثقيف نفسي من أجل البنتين "دعاء وسلمى" فتعلمت طريقة (بريل) حتى أذاكر لهما، وبدأت أقرأ في الصحة النفسية حتى أتعامل معهما بشكل صحيح، وأقرأ في الدين حتى أكون أكثر رضًا وصبراً؛ فالإيمان إن لم يكن موجودًا فلا أستطيع أن أواصل معهما، وأن أجعل رسالتي في الحياة تقوية بصيرتهما بعد أن فقدتا بصرهما، والآن هما متفوقتان دراسيًا وهذا الأمر يسعدني كثيرا".

ن. م (24 عامًا) والتي تركت الدراسة بعد الصف الثامن بسبب وضع ساقها، كانت تسير على قدميها بصعوبة، إلا أنها لم تتوقف عن العطاء، فقد كانت متدربة في السابق، أما الآن فهي تعمل منذ أربعة أعوام في غرفة الألعاب في إحدى جمعيات تأهيل المعاقين، حيث ترعى عددًا من الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، تقول: "إنني سعيدة جدًا بما أقدمه للأطفال، إنني أشعر بالراحة النفسية والطمأنينة والسعادة، إنني أحظى باحترام وتقدير كبيرين هنا في هذه الجمعية التي تقدم لنا المساعدة في أمورنا الحياتية".
وتضيف (ن.م) التي تحسّنت حالتها كثيرًا عن السابق، وأصبحت قادرة على الحركة، إلا أنها لا تزال بحاجة إلى إجراء عملية جراحية: "أشعر بضيق وألم إن لم أقدم شيئًا لخدمة وطني، وخاصة خدمة هذه الشريحة التي أنتمي إليها من هذا المجتمع".
 

بين ظلمة العين ونور القلب
في إحدى دور القرآن الكريم، تنشط شابة طيبة القلب في العشرين من عمرها، سامية الأخلاق مهذبة التعامل، تأسر برقتها قلوب من حولها تمامًا.. لا تكاد ابتسامتها السعيدة تغيب عن شفتيها، ما إن تسمع صوت إحدى الطالبات قادمة حتى ترحب بها بحرارة، وهي إلى جانب ذلك، عالية الهمة في الطلب والحفظ.

هذه هي (إيمان)، وهي حقًا (إيمان) بربها، ثقة به، وتسليماً بقضائه، و(إيمان) بحب الحياة وحب الآخرين والسعي لسعادتهم، و(إيمان) بقوة العمل والإنتاج والعطاء..
وهي ليست وحدها، فلها أختان يقاربنها في العمر، كلهن كفيفات.. وكلهن في الهمة شامخات..
لقد كان من المثير حقاً التعرف على هذه الأسرة العجيبة، تقص والدتها في البدء حكاية مرض بنيّاتها فتقول: "تاريخ المرض يرجع لأسباب وراثية، تولد ابنتي وهي مبصرة، لكن بصرها يضعف شيئًا فشيئًا لخلل في الشبكية، حتى تفقد البصر في سن الثامنة عشرة غالبًا..".
أخبرهم الأطباء منذ صغرهن بحقيقة المرض، لكن ثقتنا بالله وتسليمنا بقضائه وقدره لم يتزعزعا، والحمد لله الذي أصلح لي بنياتي وهداهن بفضله وحده، صدقيني أنا لم أفعل شيئًا، الله -عز وجل- وحده هو من ربّى بنياتي..، وأعانهن وأعاننا".

وتتابع بإيمان باهر: "وكان-بحمد الله- مجتمعنا صالحًا، الأهل والأقرباء، مما غرس فيهن الإيمان بالله وصلاح النفس وحب الخير والدعوة، وأنا بقلب الأم المشفق دائمًا بقربهن، أؤنسهن وأراجع الدروس معهن، وأحدثهن عن حالات شديدة من الابتلاء، وفضل الصبر والتسليم، وأذكرهن بالنعم الجليلة التي أنعم الله بها عليهن، فله الحمد أخذ منهن البصر وأعطاهن العقل الراجح والهداية والسمع الذي به تسمعان كلام الله وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم، وتسمعان الخطب والمحاضرات الدراسية حتى حصلتا على الشهادة الجامعية من قسم الشريعة بتفوق، وذلك بفضل الله وحده".
 

الكرسي السعيد
في إحدى الحدائق الخاصة، تجلس (ريم) ذات الاثنتي عشرة سنة على كرسيها المتحرك، تراقب الأطفال الصغار من حولها يلهون بالأراجيح والملاعب، تستمتع بالنظر إليهم، وهي تبتسم باطمئنان وثقة تكبران عمرها الغض بكثير..
حين تتحدث والدتها عنها، ستعرف أشياء أخرى ما كنت لتتوقعها بعدما ترى تلك الابتسامة الفريدة على ذلك الكرسي المتحرك الذي يحمل فتاة الاثنتي عشرة ربيعاً!
تقول الأم: "أثناء ولادتي ريم حدث خطأ طبي، خرجت بعده إلى الوجود كسيحة وهي في شهرها الجنيني السابع، أي لما يكتمل نموها بعد..
ولله الفضل والمنّة، فقد حباها الله تفكيرًا ساميًا وذكاء متوقدًا، وقلبًا (حيًا) كما يقولون، فأنا أعتمد عليها في أمور كثيرة أكثر من اعتمادي على أخواتها السويّات، وهي رائعة تستطيع أن تنجز بيديها الكثير، كما أنها متفوقة في دراستها والأولى على مدرستها، ونشيطة ومشاركة في فصلها"..
وتتابع بأسف: "وعلى الرغم من ذلك المدارس العادية لم تقبلها- وكأن العقل في القدم وليس في الرأس!!- إلا أن دور تأهيل المعاقين لم تقصر معنا، وجهودهم طيبة في توجيه أمهات المعاقات، وبيان سبل التعامل مع المعاق. بالنسبة لي فتعليمي متواضع، لكنني استفدت من دروسهم كثيرًا"
ثم تبتسم الأم قائلة: "ما زالت ابنتي طفلة، لكن اعتزازي بها عظيم عظيم، هل تصدقين أني أذهب إلى حفلات الأنشطة المدرسية في دار التأهيل من أجلها، على الرغم من عدم حرصي على حضور الأنشطة في مدراس أخواتها الأخريات لكثرة أشغالي..".
تتأمل الأم ابنتها بإعجاب، وتتابع: "أملي بالله تعالى قوي، أن يوفق ابنتي لتكون قيادية عاملة لدينها ومجتمعها، فلديها من القدرات العالية ما يؤهلها لذلك بإذن الله..".
وبعيدًا سترمق الصغيرة (ريم) بإعجاب، وهي تمسك بعباءتها، ثم تقف بتحدٍ مستندة إلى العجلة، لتلبسها باعتزاز وستر، ثم تمشي على العكازين إلى السيارة رافضة –بإباء- المساعدة من أي أحد..!
 
كم تواجهنا مشكلات في الحياة ونحن أصحاء.. نملك أجسادًا سليمة.. ونستطيع التغلب على المشكلة، والاستمرار في الحياة، وهناك كثيرات حولنا سُلبن إحدى النعم؛ كالبصر أو السمع أو الحركة أو حتى التفكير والعقل.. لكن الله -عز وجل- منحهن الإرادة القوية، وعوّضهن عن هذا النقص بالرغبة في الحياة، وتحقيق النجاح فمضين في الطريق على الرغم من صعوبته، وعلى الرغم من كل المشكلات أبين إلاّ أن ينتقلن لركب الناجحات.. اللاتي لهن بصمات لا تُنسى في الحياة.. بالإرادة غلبن الإعاقة، وجعلنها حافزًا لهن نحو النجاح، والتفوق، والعطاء.
 
 
عبد الفتاح الشهاري
3/8/1429         - 04/08/2008 
الإسلام اليوم

أرسلت في 9-8-1429 هـ بواسطة المشرفة

  Block

روابط ذات صلة

 
· زيادة حول الحياة الشخصية
· الأخبار بواسطة المشرفة


أكثر مقال قراءة عن الحياة الشخصية:
أنا مهمومة وحزينة.. ما العلاج؟

Block

تقييم المقال

 
المعدل: 4.54
تصويتات: 11


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
سيئ


Block
المواضيع المرتبطة

الحياة الشخصية

"تسجيل الدخول" | دخول/تسجيل عضوة | 0 تعليقات
التعليقات مملوكة لأصحابها. نحن غير مسؤلون عن محتواها.

التعليق غير مسموح للضيوف, الرجاء التسجيل


المعلومات الواردة في هذه الصفحة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وإنما تعبر عن وجهة نظر كاتبتها أو قائلتها
جميع الحقوق محفوظة لموقع طريق الإسلام
يحق لك أختي المسلمة الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري