السؤال:
أخواتي الحبيبات
أرجو أن تجدوا لي حلا
في مشكلتي، التي تكمن في تذكر خطيبي [عقدنا قراننا] الذي مضى على فسخ خطبيتنا عدة
سنين، وعدم تمكني من نسيانه. كلما أذهب للنوم تأتيني كل الخيالات التي عشتها معه في
الماضي من ملامسة وما شابه ذلك. أحيانا أمرّ من جانب بيتهم مع أنني استحالة أتحدث
معه إن رأيته ولكن... أنا تائهة.. وأستغفر الله كثيرا وأشعر بالذنب ولكن ماذا أفعل؟
هل يعني هذا انني أحبه؟ علما بأنني شارفت على 31 سنة ولم يتقدم لخطبتي إلا رجل كبير
ليس مثقفا على عكس الخطيب السابق الذي كان شابا وجميلا؛ لكن تصرفاته لم تكن عادية
وكانت هناك مشاكل كثيرة، ولم يكن واضحا معي.
أنا أعمل بوظيفة خارج المنزل،
وأثناء العمل أنسى الماضي تقريبا، ولكن حينما أعود إلى البيت أظل أفكر ولا أعلم
لماذا الدنيا تشغل بالي إلى هذا الحد؟
أرجوكم ساعدوني فهذا يخنقني
وسامحوني على الإطالة.
دعواتكم..
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله
وبركاته
أختي الغالية
وفقكِ الله وحفظكِ من كل سوء. تعالي معًا لنفكر في جذور
المشكلة لعلنا نقدر بحول الله تعالى أن نستأصل شأفتها:
1- التفكير في خطيبكِ وما كان
بينكما
2- شعوركِ بالحيرة وأنكِ تائهة
3- خوفكِ من تقدم العمر وتأخر
الزواج
4- الانشغال بأمور الدنيا أكثر من اللازم
والآن نفكر في الحلول عسى
الله أن يهدينا إلى سواء السبيل ..
1- تفكرين في خطيبكِ وما كان
بينكما:
طيب هل يحدث هذا وأنتِ منهمكة في أعمالكِ ؟
قلتِ : لا
إذن السبب
والدافع الذي يذكركِ به هو الفراغ حيث أن هذه الهواجس لا تأتي إلا وقت النوم أو بعد
العودة للمنزل وعندما يأتي الفراغ ..
أقول لكِ غاليتي : نفسكِ إن لم تشغليها
بالطاعة شغلتكِ بما لا ينفعك. فمثلا لو امتلأ يومكِ كله حتى لم يعد لديكِ أي وقت
سوف يقل هذا التفكير ثم لن يلبث أن يختفي وتنسي معه كل ما كان ..
فما رأيكِ ألا
نجعل في يومنا ولا دقيقة فارغة ؟
كأن تضعي لنفسكِ جدولا على قدر الوقت المتبقي ,
مثلا إن كنتِ تعودين إلى منزلكِ الساعة التاسعة فلديكِ وقت كافٍ لحفظ ورد من القرآن
أو دراسة متن فقهي أو في العقيدة، أو إن كنتِ تفضلين القصص فكتب قصص السلف كثيرة
وغيرها , المهم أن يكون لديكِ عمل تنجزينه فور عودتكِ من المنزل حتى عند ذهباكِ إلى
الفراش بإمكانكِ أن تراجعي ما حفظتيه من قرآن إلى أن تنامي , وليكن كل همكِ وقتها
هو كيف أثبت حفظي ؟ ربما استطعتِ بحول الله أن تختمي القرآن , لمَ لا يكون هذا هدفا
تسعين إليه ويشغل تفكيركِ؟
2- شعوركِ بالحيرة وأنكِ
تائهة :
عادة ينتاب الإنسان هذا الشعور عندما لا يكون له هدف يسعى إليه فما سبق
سيكون حلا مناسبا إن شاء الله تعالى ..
كما أني أنصحكِ للتخلص من هذا الشعور أن
تتخيلي ماذا لو كان تم الزواج ثم رأيت من خطيبكِ ما يسوءكِ وقد قلتِ إن تصرفاته لم
تكن عادية وكان هناك مشاكل كثيرة ولم يكن واضحا معكِ؟ فكل هذا لا يبشر بخير. وعليكِ
أختي الغالية أن تعلمي علم اليقين أن الله عز وجل وهو أرحم بنا من أمهاتنا لا يختار
للإنسان إلا ما هو أصلح له وهو تعالى أعلم بعباده ويقول رسوله صلى الله عليه وسلم :
" عجبا لأمر المؤمن , إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا
للمؤمن , إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له
"
فعلا الأمر يستحق العجب من هذا الخير العظيم !!
وأقول لكِ أيضا تيقني أن ما
أخطأكِ لم يكن ليصيبكِ وما أصابكِ لم يكون ليخطئكِ فلا داعي للتفكير في أمور لن
نجني من ورائها إلا التعب والهم والحزن وبقليل من المجاهدة يتحقق المراد بإذن الله
..
3- خوفكِ من تقدم العمر
وتأخر الزواج
وهذا ابتلاء من الله تعالى يبتلي به صبركِ وإلا فلست وحدكِ على
الدرب , بل هناك الكثير من الفتيات اللاتي تقدم بهن العمر أكثر من ذلك وهن صابرات
محتسبات فالإنسان لا يملك إلا الرضا أمام أقدار الله تعالى. ثم من قال لكِ غاليتي إن
تأخر الزواج يمنع فرص الزواج ؟ إن أمر الزواج رزق من عند الله تعالى كالرزق بالطعام
والشراب وغيره وكلٌ رزقه مكتوب عند الله لن يملك مخلوق أن يمنعكِ رزقا كتبه الله
لكِ يقول ربي عز وجل " مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ
رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ
وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"
وقد سمعنا عن أخوات نعرفهن شخصيا منهن
واحدة تجاوزت الثلاثين بعدة سنوات ثم رزقها الله بزوج تتمناه فتاة في السابعة عشرة
وتعيش معه في سعادة وغيرها كثير ..
كما أن عليكِ بالأخذ بالأسباب للحصول على
الزوج الصالح ومن أهمها الدعاء والتضرع إلى الله تعالى في جوف الليل الآخر فأكثري
من الابتهال والتضرع والتذلل بين يديه فإنه من يكثر قرع الباب يوشك أن يُفتح له
وليس عليكِ عيب في الظهور أمام النساء في المناسبات وتلبية الدعوات فلا تتقوقعي
على نفسكِ أخذا بالأسباب.
4- الانشغال بأمور الدنيا
أكثر من اللازم
لعلاج هذه الآفة عليكِ بكثرة التفكر في أمر الآخرة وأن الموت لا
يرتبط بعمر ولا صحة ولا غيره , وتذكر أن الدنيا دار ممر وليست دار مقر , يقول الله
: " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا
لِيَعْبُدُونِ " فهذا هو السبب الذي خُلقنا له .. والابتلاءات لن تنتهي
طالما أننا في هذه الدار , وهل سوف يؤثر تأخر الزواج على دخولنا الجنة ؟ هل تحرم
الجنة من لم تتزوج ؟ بالطبع هذا لا علاقة له بدخول الجنة بل على العكس قد يكون سببا
في دخولها, فلعل في التأخير خيرا مثل الانتفاع بالوقت وعدم الانشغال بالزوج
والأولاد أوليس ذلك أفضل ممن رزقت بزوج لا يعينها إلا على المعصية فيكون سببا في
دخولها النار نسأل الله السلامة.
وأنصحكِ بأن تكثري من القراءة عن حياة البرزخ
وما فيها من أهوال, وتفضلي غير مأمورة بزيارة هذه الساحة العطرة التي تنسيكِ الدنيا
بما فيها:
http://akhawat.islamway.com/forum/index.php?showforum=108
و بإذن الله ستخرج الدنيا من
قلبكِ وقتها ولكن احذري فقد تعود تلك الوساوس لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى
الدم ؛
فما علينا إلا مجاهدة أنفسنا ما استطعنا والله لا يكلف نفسا إلا
وسعها.
أسأل الله أن يفرج همكِ
وأن يمن عليكِ بالزوج الصالح وأن يكتب لكِ الأجر والمثوبة
..
