ت – تحمل ما بدر منها وعدم اللجوء لتطليقها لأقل هفوة منها نظرا لعدم حاجته لها
بوجود زوجات أخريات فالمرأة تشعر أنها معلقة وينتظر زوجها منها خطأ واحدا
للتخلص منها لاستغنائه عنها , ومن الوفاء تحمل ما يبدر منها كما تحمل النبي
صلى الله عليه وسلم كثيرا من تصرفات زوجاته رضي الله عنهن .
ث- عدم التقصير في حقها الشرعي من الاهتمام والنفقة
والمبيت وسائر الحقوق الزوجية وعدم تفضيل ذوات الجمال أو الحسب على الباقيات,
فإدامة المحافظة على حقها نوع من الوفاء كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه
وسلم فكانت عنده ذات البشرة السوداء وكبيرة السن , وفي المقابل كان تحته الشابة
الوضيئة والصغيرة والبكر ولم يمل لواحدة منهن على حساب الأخريات في الحقوق التي
يقدر عليها وكان في قمة الوفاء لهن كلهن .
ج- إكرام أقارب الزوجات كلهن حتى لو كان الزوج على خلاف مع أحدهم ولنضرب مثلا
بذلك بعتقه صلى الله عليه وسلم أقارب جويرية بنت الحارث رضي الله عنها وتلميحه
للصحابة بذلك لعتق أهلها وإكرامهم كأصهار النبي وأيضا وصيته بأهل مصر إكراما
لمارية القبطية لأم ولده إبراهيم ..
3- لعدم الوفاء مظاهر
منها التعدد في أحوال معينة :
عدم الوفاء خلق سيئ لا يرتبط فقط بتعدد الزوجات بل هو خلق متمكن من المتصف به
ويكون التعدد في بعض الأحوال حين يقترن بظلم المرأة الأولى وإهدار حقوقها مظهرا
من مظاهره فمثلا :
أ - يتزوج الرجل المرأة وهما شابان ويكافحان معا وتتحمل الزوجة معه كل أنواع
المعاناة والألم وتصبر انتظارا ليوم الحصاد يوم يكبر الأبناء ويرغد العيش ,
فبعد تحقيق الآمال وتغير الأحوال إذا بالزوج بعد كل هذه الآلام يكافئها بالزواج
عليها بمن هي أصغر منها واجمل وأطيب حديثا , ويميل كلية إلى الثانية وينسى
ويضيع حقوق الأولى كلية ويتركها تجتر كل الآلام وحدها في وقت تحتاجه فيه أكثر
من أي يوم مضى , فهذا ليس من الوفاء
ب- من المعروف أن المرأة إذا عاشت في معاناة مادية
في حياة ملؤها الكفاح والعمل, أنها تهرم سريعا قبل الرجل ويذبل عطرها وربما
تعتادها الأمراض والأوجاع , في حين أن الرجل في كثير من الأحيان يحتفظ بقواه
وصلاحيته أكثر من المرأة ولا يهرم إلا بعدها , فهل يُصدر لها ذلكم الإحساس
المؤلم أنها لم تكن له إلا وسيلة لإشباعات معينة فان ذهب بعض جمالها وبعض
حيويتها تركها واتجه لأخرى مع إهماله للأولى بل يصل الأمر إلى محوها بالكلية
من سجلات حياته وهذا ليس من الوفاء ..
ت – في عالمنا اليوم قد يتعاون الزوجان في المعيشة
المادية وربما يعملان معا خارج البيت لتحقيق متطلبات معيشتهما والنهوض
بمستقبلهما ومستقبل أبنائهما , وغالبا ما تكون بينهما ثقة كبيرة في الحقوق
المادية فلا يهتم أحدهما بكون ما يجمع ملكا خاصا به , ويعتبران أن ذمتهما
المالية واحدة والتي تكون غالبا باسم الزوج , فهل بعد أن يطيب له العيش ويرغد
بثمرة عملهما وكفاحهما معا فهل يجزيها بالزواج عليها وإنكار حقها وإهمالها وعدم
تأدية حقوقها
إن هذه التصرفات الحمقاء والظالمة من بعض الأزواج
لم يكن التعدد إلا محاولة لتقنينها شرعيا ولإضفاء عليها نوعا من الدعم الشرعي
وهي إذا اقترنت بضياع الحقوق واهمال الواجبات فما هي إلا ممارسة للنزوات وحب
النفس وخبث الطوية , فلم تكن المشكلة يوما في التعدد , إنما في تضييع الحقوق
ونسيان العهد والأنانية , وتغليف ذلك باسم الدين والشرع .
ويخطئ بعض الرجال حينما يريدون أن يُقحموا الدين كطرف في صالحهم
ليحسموا به نزاعا حين يطالبهم الناس بالوفاء وحفظ الحقوق ويشهروا سلاح الدين
لكل من يطالبهم بالعدل والحق , كي يشبعوا رغباتهم ويظهروا سوء نيتهم بدعوى أن
الله سمح لهم بالتعدد , - فالتعدد حق لا ينازع فيه أحد - ولكنه لايمكن أن يستغل
مطية لأطماع البعض ولسوء تصرفاتهم , ولن يكون الشرع الإسلامي أبدا معينا لظالم
على ظلم الناس وسلب حقوقهم .
4- التوصيف الصحيح للأزمة
هناك عدم وعي من بعض النساء اللاتي يتصورن أن قضيتها هي منع التعدد بكل
أشكاله وصوره , وتصوير التعدد بصورة الظلم في ذاته , فتضيع جهودهن في معركة
خاسرة قبل أن تبدأ , لأنهن يصطدمن بشرع حنيف عادل لا يظلم أحدا ولا يحابي طرفا
على حساب طرف ..
ولكن القضية الحقيقية التي يمكن للجميع أن يشارك
فيها وليس النساء فقط هي القضية ضد الظلم والغدر واستغلال المرأة بكافة أشكاله
, فينبغي توجيه السهام لتلك المفاهيم الخاطئة – السابقة - والتي لن يقف منصف
أبدا في وجه من يطالبن بها من العدل وعدم الاستغلال , لأن الله أمر بالعدل
والإحسان فقال " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان وَإِيتَاءِ ذِي
الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ " ..
يحيى البوليني
موقع المسلم